كثيرة هي أزمات لبنان وكبيرة. وكلها دقيقة وتستحق عناية فائقة … الشغور الرئاسي منذ عامين ونيف، أزمة أساسية… التمديد للمجلس النيابي منذ ثلات سنوات أزمة أخرى… عدم الاتفاق على قانون انتخاب عادل يؤمن تمثيلاً صحيحاً للبنانيين، أزمة جوهرية … النازحون السوريون… وجود مسلحين إرهابيين قرب الحدود وخلايا نائمة لهم في بعض الداخل … الركود الاقتصادي، النفايات، السدود الكهرباء، سرقة الاتصالات، الفساد، وأخيراً ظهور بعض الشعبويين ممن يحرضون على الديمقراطية والأحزاب، ويضللون الشباب للعودة بهم إلى أزمنة هتلر والدوتشي … كلها أزمات كبيرة وخطيرة… لكن اليوم، اليوم بالذات، هناك أزمة أكثر أولوية وإلحاحاً من كل تلك. إنها أزمة الاستسلام اللبناني أمام القانون الأميركي المتعلق بحزب الله، والمعروف باسم HIFPA. ليست المسألة مزحة. ولا تهويلاً ولا استثماراً في السياسة. إنها قضية تعني مباشرة كل هؤلاء: أولاً مصير عشرات آلاف الطلاب اللبنانيين في مدارس خاصة معروفة الهوية. ثانياً، لقمة عيش مليون لبناني، هم فعلياً جماعة وطنية مهددة بالاضطهاد نتجية التطبيق التعسفي والعشوائي لهذا القانون، ونتيجة الإذعان الحكومي اللبناني له. ثالثاً، تهديد استقرار الاقتصاد اللبناني كاملاً. ذلك أن من لا يعرف عليه أن يعرف، ولو كان الكلام بلغة مذهبية فجة، أن أرصدة اللبنانيين الشيعة في المصارف اللبنانية تقدر بأكثر من 50 مليار دولار أميركي. فهل من يتصور مخاطر ضرب هذه الكتلة وتداعيات هربها أو حصارها؟ ما صدر عن نواب حزب الله اليوم هو إنذار جدي بأن المسألة يمكن أن تفجر لبنان. علماً أن المسؤولية ليست على مصرف لبنان. بل على تمام سلام، الذي لا يزال حتى اللحظة يتنصل من الصلاحية التي أعطاها له القانون الأميركي نفسه، لينقذ بلده واللبنانيين … فماذا ينتظر؟ قبل أزمة النفايات ومصير طعون البلديات، لنبدأ بأزمة استسلام سلام، ضمن نشرة الـ OTV.