منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض، عاد الوضع إلى المربع الأول مع طهران، وعادت متاعب ايران مع واشنطن.
ترامب يراعي تل أبيب، ويراضي السعودية ويساير تركيا، يأخذ مسافة من صديقه بوتين، فجأة تراجع التنسيق الروسي-التركي في سوريا، والذي كان انطلق من حلب ليتوقف عن “الباب”، فتحولت انقره إلى التنسيق مع الأميركيين للوصول إلى الرقة ولانشاء منطقة آمنة شمال سوريا، لم يكن اردوغان يجرؤ على مجرد الاعلان عنها وخرق قواعد اللعبة زمن أوباما.
توقفت عملية استانة التي انطلقت برعاية روسية- تركية مشتركة، ومشاركة ايرانية، من باب رفع العتب، وتحولت في اتجاه مفاوضات جنيف برعاية روسية- أميركية، مع تقليل حجم المشاركة التركية وازاحة الدور الايراني. ارتفع منسوب التوتر بين اسرائيل و”حزب الله”، وبردت فجأة العلاقة بين انقرة وطهران، فصارت ايران عامل اضطراب سياسي في الخليج، ومصدر توتر مذهبي في المنطقة، بنظر تركيا التي اتخمت ايران بالمديح وأغرقتها بالثناء، بسبب موقفها من الانقلاب ووقوفها إلى جانبها ليلة القبض على الانقلابيين في 15 تموز من العام الفائت، وهي وقفة ذكر محمد جواد ظريف انقره بها اليوم، متهما اياها بالجحود ونكران الجميل وبضعف الذاكرة.
كل شيء تغير منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض. السعودية المنكفئة والمرهقة، التقطت أنفاسها واستعادت بعضا من الثقة بنفسها وهجمت على ايران. وكذلك فعل أصدقاؤها في لبنان والجوار. باتت تركيا تتحدث عن انسحاب “حزب الله” من سوريا، مقابل القضاء على “داعش”.
منذ وصول ترامب لبس الصراع في المنطقة، وأكثر من أي وقت مضى، لبوسا طائفيا- مذهبيا، وتحديدا بين السنة والشيعة، وبدأت عملية التفاف على ايران بقيادة واشنطن دوليا، وكلب حراستها اسرائيل اقليميا، والتي تنفس رئيس حكومتها نتنياهو الصعداء برحيل أوباما، وصار يتمرجل على “حزب الله” من واشنطن أمام ترامب، وصار المتشددون في عين الحلوة يتحدون سلطة محمود عباس الذي استقبلوا زيارته اللبنانية بالتهجم وودعوه بالاشتباكات مع “فتح”، مستغلين غياب منير المقدح المخضرم عن موقع القرار في المخيم بعد ربع قرن على الحضور والدور.