لم يخذلوه يوما، ولم يتركوه لحظة، لا يوم كان محاصرا قبل المنفى، ولا يوم صار منفيا قبل العودة، ولا حين صار أبا للوطن وبابا لعودة الدولة اليه. لم يتركوه يوم كان حافزهم الألم، فكيف وقد صار ساكنهم الأمل. لم يتركوه بالأمس لانهم ظلموا معا، ولم يتركوه اليوم لأنهم يحلمون معا، ولن يتركوه غدا، حين يكون الحاكم الحكيم والحكم، ويكون الحلم لكل الوطن.
سيكتب التاريخ ان شعبه كان شاهدا وشهيدا، جسورا وفخورا، مكابدا مجالدا صامدا. لا تخونه الذاكرة ولا يخون الذكرى ولا ينسى العبرة. سيكتب هذا التاريخ انه الوحيد الذي غادر وعاد وأعاد الاعتبار للحقوق بعد استباحة، وللوطن بعد وصاية، وللجمهورية بعد تبعية.
على طريق القصر، رفع شعب لبنان اليوم علامة النصر. بعد ستة وعشرين عاما على 13 تشرين، وبعد خمسة عشر عاما على المنفى، وبعد أحد عشر عاما على العودة، وبعد سنتين ونصف على الشغور في بعبدا، لم يزل ميشال عون مالىء الساحات، وسيملأ الفراغ ولن نكون أبدا قليلي الايمان.