انتهت فترة الاستشارات، وبدأت رحلة التأليف التي يبدو انها لن تكون رحلة الألف ميل، بل مسألة أسابيع قليلة، استنادا إلى معطيات ومؤشرات مريحة أبرزها: الاندفاعة الايجابية والزخم القوي الذي ولده انتخاب الرئيس عون، وتكليف الرئيس الحريري، والمروحة الواسعة من المواقف الداعمة محليا وعربيا واقليميا ودوليا للعهد الجديد: الموقف الحاسم للسيد نصرالله، والموقف الداعم للرئيس الحريري، والموقف المتفهم للرئيس بري، والموقف البراغماتي للنائب فرنجية، والموقف المتجاوب للنائب جنبلاط، والموقف التصالحي ل”القوات اللبنانية”، والموقف الاستباقي ل”الكتائب” التي سمت الحريري وباتت تريد الدخول في الحكومة، والمواقف المسهلة لباقي الكتل.
هذه المحصلة ساهمت في تبديد الأجواء التي تحدثت عن أزمة تأليف حكومية تحل مكان أزمة الشغور المنتهية، من دون ان يعني ذلك ان درب العهد الجديد مفروشة بالورود، وان الخلافات انتهت والتباينات اختفت وهربت الشياطين التي تكمن في التفاصيل.
هناك أيضا التسليم من الجميع، بأن حكومة العهد الأولى هي حكومة انتقالية من مهامها الأساسية والرئيسية التحضير للانتخابات النيابية المقبلة بعد 6 أشهر، وعلى أساس قانون جديد. وان حكومة ما بعد الانتخابات النيابية، هي الحكومة الوازنة والفعلية التي ستحدد موازين القوى الجديدة، وأحجام القوى السياسية.
من العوامل المساعدة أيضا، اتفاق والتقاء رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، على ضرورة التعاون والتضامن والعمل لمواجهة التحديات وتجاوز العثرات والمطبات، بدءا بتشكيل الحكومة، وصولا إلى اجراء انتخابات نيابية في موعدها، وما بينهما معالجة القضايا المعيشية والخدماتية والاجتماعية والاقتصادية والحياتية التي ضربت رقما قياسيا في الاهمال والتقاعس والمرضية والغرضية.
الاستشارات انتهت ورحلة التأليف بدأت، والاعتراض انتهى مع انتخاب الرئيس عون، وسيتحول مع الحكومة إلى مشاركة، والعهد الجديد يتسع للجميع. وما كان موضوع افتراق قد يتحول مشروع اتفاق، وكلام كتلة “الوفاء للمقاومة” بعد لقاء الحريري مؤشر معبر ومؤثر.