ثمة معركة لا تخلو من شراسة، تدور حاليا في بيروت … طرفاها، واحد معلوم، اسمه لبنان الدولة ، وواحد مجهول، اسمه حملة شائعات متباينة متقاطعة متراكمة ومتراكبة …
أما عنوان المعركة، فواضح، إنه منع لبنان الدولة من استعادة ثقة مواطنيها بها… ومنعهم، ومنعها بالتالي، من إعادة بناء دولة تكون دولة …
جبهات تلك المعركة كثيرة: مثلا، ينتصر لبنان على الإرهاب ويطرده عن آخر ذرة من أرضه … فتنطلق حملة تشكيك في انتصاره …
تقر موازنة للمرة الأولى منذ 12 عاما، وتصدق سلسلة رواتب تأخرت 21 عاما … وتأتي كبرى المؤسسات الدولية لتثني على إدارة لبنان لأوضاعه المالية … فنرى حملة كتابات عن أزمات وانهيارات وإفلاسات …
يفيض مطار بيروت بعابريه … حتى الشكوى من ضيق قاعاته بهم … فتدس تحذيرات أمنية مشبوهة في التوقيت والسياق والمضمون …
كأنه صليب هذا الزمن … أو صليب هذا العهد وهذه الدولة … الصليب الذي كان رمزا للعار … فصار بالانتصار على الموت، رمزا للحياة، وعلامة للنصر الفاتح ذراعي الخلاص ليضم كل البشر …
كانه صليب هذا الزمن وهذا الوطن … الصليب الذي نبشت خشبته من أورشليم القدس … فوصلت بشارته إلى العالم، بمشاعل النور التي ارتفعت فوق قمم الجبال …
هكذا، تبدو الصورة اليوم … بين مجهول ينذر بموتنا … وبين إنجازات مرفوعة برايات من نار على قممنا، مبشرة بنصرنا على العار، وانتصارنا على الموت …
في عيد الصليب، تحقق النصر … وإن تأجل احتفاله … لكن علاماته ظاهرة … بدءا من العلامة التي ارتفعت على تلك القمة اللبنانية الشاهقة اليوم …