Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”otv” المسائية ليوم الجمعة 22/9/2017

 

في مثل هذه الليلة قبل تسعة وعشرين عاما، ألقينا بين يديك كرة نار الوطن. وبدلا من أن نلتف حولك لإنقاذ البلاد، رمينا في وجهك اتهامات شتى، وطعناك، ثم خناك، وفضلنا خمس عشرة سنة من الوصاية، عليك…

خلال نفيك الطويل، لم ننصت إليك: حذرت من القرار المرهون، ومن السيادة المنقوصة، فأجبناك بالضروري والشرعي والموقت، وسواها من الكلمات والشعارات.

يوم أدركت التحولات الدولية، وعطفتها على الحركة الداخلية، قرأت أن عهد الوصاية إلى أفول، فدعوت إلى مخرج مشرف يقينا العواقب، ويجنب الوطن براثن فتنة أطلت من العراق… فقابلناك على عادتنا بالتجاهل، وطمرت نعامتنا المعروفة رأسها في الرمل، ليكون ما كان من أحداث وانشقاق، لا نزال ندفع أثمانهما إلى اليوم.

عندما قررت عودة الوطن إلى الوطن، ورفعت لواء الشراكة، وقلت في ذاك السابع من أيار: “إذا تكلمت طائفيا فانبذوني”، حاولنا منعك من العودة، ثم واجهناك هنا بمولود طائفي هو التحالف الرباعي، وبموروث احتلالي هو قانون الانتخاب…

ولما فرضك شعبك رقما صعبا على الساحة، حلنا دون تمثيلك في اول حكومة بعد جلاء الوصاية. وحين شهرت سيف الإصلاح، أغدقوا علينا ملياراتهم لتشويه صورتك… لكنك، كالعادة، بسلاح الحق غلبتنا.

وعندما صرت رغما عنا شريكا في حكوماتنا التي لا تشبهك بشيء، حاصرناك، ومنعناك من تحقيق المشاريع الأحلام: من الكهرباء إلى السدود، إلى النفط والغاز، وما بينها أو قبلها أو بعد.

يومها، توهمنا أننا أنهكناك، فأنهيناك. فسددنا ضربتنا القاضية بالتمديد الأول، ثم الثاني، وفي باطن ذهننا تمنيات بشعة، وأفكار سوداء… لكنك مرة أخرى، أثبتت أنك عصي على التطويق، فحلقت فوق الزواريب والألاعيب، وحططت رئيسا صاحب تمثيل ومشروع…

قبل ان تنتخب، حذرتنا من اجتياح النزوح، فوصفناك بالعنصري. أما اليوم، وبعدما أعلنت من أعلى منبر دولي، أن “لبنان لن يسمح بالتوطين لا للاجئ ولا لنازح مهما كان الثمن، وان القرار بهذا الشأن يعود لنا وليس لغيرنا”، قررنا مهاجمة وزير خارجيتك، وتخوينه، باستعادة تعابير من مرحلة ظننا أنها مضت، ولم تكن نتيجتها أصلا سوى فوضى النزوح، التي نفض يده منها رئيس أعتى دولة عالمية قبل قبل أيام…

لكن، وكما لو أن كل ما سبق لا يكفي، كررنا خطأنا، واليوم بالذات. أعلنا أننا أسقطنا الضرائب، فيما أنت كنت تسعى لفرضها. وحاولنا أن ننسي ناسك وأهلك، أنك طالما دعوت إلى إقرار الموازنة العامة أولا، ثم سلسلة الرتب والرواتب، وليس العكس… حاولنا ان ننسيهم أننا أقمنا الدنيا عليك ولم نقعدها، وتمسكنا بمخالفة المنطق، ربما فقط، حتى لا نصعي إليك… فجاء رد المجلس الدستوري اليوم مدويا صارخا: بموضوع طريقة التصويت، فليسأل رئيس المجلس. أما في موضوع الضرائب، فالرئيس كان على حق: الموازنة أولا، والباقي تفاصيل… حتى لو فسرت تغطية للمخالفات البحرية، كما لتهرب أصحاب الأرباح الكبيرة من الضرائب المحقة على ثرواتهم…

كم أخطأنا بحقك يا ميشال عون… نحن طبقة سياسية فاسدة لا تشبهك بشيء. لم تتكل علينا يوما، فلا تتكل علينا اليوم. توكل على الله كما دائما، واستند إلى حكم الشعب، تماما كما عودتنا منذ 22 أيلول 1988… فأنت لما تزل تحمل كرة نارنا بين يديك إلى اليوم…