ليس مقبولا مضمون الكلام الذي نسب إلى الرئيس الايراني… هذا إذا كان صحيح المصدر ودقيق المضمون… ليس مقبولا، حتى ولو كان في سياق التحليل السياسي… هذا ما يؤمن به طبعا كل لبناني حر… تماما كما أنه ليس مقبولا ما أعلنه وزير سعودي ضد جماعة لبنانية قبل مدة … ولا ما يقوله كل يوم، مسؤول أو سياسي أو دبلوماسي… عربي أو غربي أو أممي…
كلهم، يتجاهلون أننا دولة ذات سيادة… ربما لأننا نحن من تكيف في حقبات ماضية بائدة، على أن نكون كذلك، إراديا وطوعيا… غير مقبول أي مس بالسيادة الوطنية… أكان فعلا أو قولا أو حتى تفكيرا… والرد على أي مس كهذا، واجب وطني… لكنه واجب لا يستقيم، إلا حين يكون مبدأ عاما… لا بل يسقط، ويتحول إلى عكس منطلقه وهدفه الوطنيين، حين يكون الرد جزئيا أو انتقائيا أو استنسابيا…
فحين تستنكر ردا من هنا، وتسكت وتبلع ردا من هناك… إنما تكون أنت من يشجع على انتهاك نفسك واستباحة سيادتك… تماما كما في حرية التعبير وحقك المطلق فيه… فإذا كانت الرقابة الخارجية لمنعك من قول الحق، اغتصابا… فرقابتك الذاتية لامتناعك عن شهر الحقيقة… تكون من أصناف العهر…
لذلك، فالخطوة الأولى لانتزاع لوثة دولة القناصل من رؤوسنا ونفوسنا، تكمن في أن نرد على كل تطاول، من أي قنصل أتى… شرقا أو غربا… فالسيادة قيمة… وهي مثل أي قيمة أخرى، لا مجال فيها للنسبية أو التنسيب أو التناسب… فهي إما أن تكون كاملة… أو لا تكون إطلاقا…
والسيادة لا تكون على الحدود فقط… بل في الداخل أيضا… وهو ما يحصل في ضاحية بيروت… حيث السيادة مطلب الجميع، من دون اجتزاء…