هذا يقول: الحكومة قريبة. وذاك يرد: الحكومة بعيدة. الأول يعطي أسبابا تبدأ في واشنطن، وتمر بباريس وطهران والرياض وغيرها من العواصم. والثاني يعطي أسبابا مضادة، لكنها تبدأ أيضا في واشنطن، وتمر أيضا ببارس وطهران والرياض وغيرها من العواصم.
غير أن الحقيقة لا يملكها لا الأول المتفائل ولا الثاني المتشائم، وهي وإن كانت تتأثر بكل العواصم المذكورة، غير أنها في المحصلة ستصل الى بيروت عاصمة لبنان.
وفي لبنان، قرار تشكيل الحكومة مرتبط بتوقيعين: توقيع رئيس الجمهورية وتوقيع رئيس الحكومة، وبنيل الحكومة الجديدة ثقة مجلس النواب خلال ثلاثين يوما بعد التشكيل. وفي لبنان، دستور لا مزاج، وميثاق لا آحادية، ومعايير موحدة لا ازدواجية.
وفي لبنان، مواطنات ومواطنون تواقون الى حكومة إصلاحية، تحمل مشروعا واضحا محددا في الخطوط العريضة والمهل، حتى لا نكون امام مرحلة جديدة من التسويف والمماطلة والهرب الى الأمام، بدل مواجهة المشكلات بهدف الحل.
لكن في لبنان أيضا، شعب هاله أن يعمد بعض ممثليه المفترضين الى ابتداع عريضة غريبة عجيبة بهدف الالتفاف على تحقيقات المحقق العدلي في انفجار المرفأ، تماما كما أسف لطروحات أخرى تصب في الإطار عينه، متعمدة تسييس الملف.
غير أن هذا الشعب نفسه تابع بأم العين كيف أن رئيس البلاد، الذي يمنع الدستور اي ملاحقة بحقه إلا في حالتي الخيانة العظمى وخرق الدستور، بادر من تلقاء نفسه الى إبداء الاستعداد للادلاء بإفادته أمام المحقق العدلي.
فإذا كان رأس الدولة ورمز وحدتها يعلن بشكل طبيعي احترامه للقضاء، فأي مسؤول آخر في الدولة اللبنانية يحق له أن يتملص من المثول أمام القاضي خدمة للعدالة؟.
هذا هو السؤال المحوري في الرابع من آب هذا العام، علما أن السؤال حول مصير الحكومة لا إجابة عليه قبل اللقاء المقبل بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف الاثنين، مع الإشارة الى أن الهيئة السياسية في “التيار الوطني” أعربت اليوم عن الأمل في ولادة الحكومة قبل 4 آب، علما أن رئيس التيار جبران باسيل كان شدد في مقابلته التلفزيونية الأخيرة على أن من ناحية التيار لا سبب بعد يحول دون انجاز التأليف.