عشية الذكرى الأولى بعد المئة لولادة لبنان الكبير في الأول من أيلول 1920، كل شيء تغير بين ذاك اللبنان الوليد، ولبنان اليوم.
فالانتداب صار انتدابات، مرورا باحتلالات ووصايات.
والشعب الذي كان نقيضين لا يصنعان أمة، صار اليوم شعوبا لا يجمع بينها إلا اليأس.
والدولة التي اتسعت حدودها، صارت دويلات حدودها الجغرافية سائبة، وحدود القانون فيها مباحة.
والجمهورية التي أبصرت النور يوم إقرار الدستور في الثالث والعشرين من أيار 1926، صارت اليوم جمهوريات فساد، دساتيرها نصوص متناقضة، كل يغنيها على ليلاه.
أما بنية المؤسسات التي أرسيت يومها، وكذلك البنية التحتية، فانهارت بالكامل، حيث بات شغل المواطنين الشاغل تأمين أبسط مقومات الحياة.…
بين لبنان 1920 ولبنان 2021، وعلى مدى مئة عام وعام، كل شيء تغير. كل شيء باستثناء أمر واحد مهم: الذهنية السياسية المحلية التي لا تزال على فشلها وقصر نظرها وانعدام رؤيتها، لأنها لا تعطي الاولوية إلا لمصلحتها الخاصة على حساب صالح الوطن.
لكن، في هذه المناسبة الوطنية الكبيرة التي تصادف غدا، ليس المطلوب مزيد من جلد الذات، بل فقط قول الحقيقة، لمحاولة تغيير الواقع القاتم. والتغيير إن لم يبدأ من الشعب، ومن قلب كل مواطن وعقله، سيبقى شعارا يردده تجار السياسة في المناسبات الانتخابية، من دون أن يلقى صدى على ارض الواقع.
واليوم، حلت الذكرى السنوية الثالثة والاربعين لتغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه، الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين. “الحسين شهيد الإصلاح، فإذا شاركنا في الإصلاح نصرناه، وإذا سكتنا او منعنا الإصلاح خذلناه”. أيها الإمام المغيب، لبنان يفتقدك كثيرا، فيا ليتك كنت معنا هكذا علق جبران باسيل اليوم، في زمن صام فيه الكثيرون عن قول الحق.