“نحن نثمن الدور الكبير الذي تضطلع به روسيا في المنطقة”… إنها عبارة تختصر كل الأزمة اللبنانية، لا بل كل العصفورية اللبنانية… مع أنها عبارة بسيطة، مختصرة مقتضبة. من بضع كلمات لا غير. لكنها تختزل وتختزن كل معاناة لبنان، من الرئاسة إلى الزبالة وما بينهما… كيف؟ فلنتوقف مليا عند كل كلمة من هذه الجملة، لنفهم حقيقة الكارثة: أولا، كلمة منطقة في الجملة، تعني منطقة الشرق الأوسط، وضمنها سوريا تحديدا… ثانيا، كلمة الدور المثمن في الجملة نفسها، هو دور روسيا بوتين عندنا وفي سوريا بالتأكيد… أي مشاركتها في الحرب السورية ووقوفها إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد ودعمها له جوا وبحرا وبرا، من أجل ضمان انتصاره على أعدائه… وهو الدور الذي أكده بوتين قبل يومين في اتصاله مع الأسد، وهو الدور الذي اعتبره الأسد تاريخيا في حربه ضد أعدائه والإرهابيين… تبقى كلمة واحدة في العبارة المذكورة… كلمة – مفتاح لفهم كل القصة أو اللعبة. إنها كلمة “نحن”، في القول نحن نثمن الدور الكبير لروسيا في المنطقة… لمن تعود هذه “النحن”؟ من هم هؤلاء “النحن” الذين يثمنون هذا الدور الروسي في منطقتنا وفي سوريا، الآن بالذات، الآن، بعد تدمر وقبل ما بعد تدمر؟ هذه “النحن” تعود إلى رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، سعد الحريري، شخصيا… نعم هو نفسه. هو عدو الأسد، وعدو كل ما يمت إلى الأسد بصلة في الوطن والمهجر، انتقائيا طبعا… الحريري نفسه وقف اليوم شامخا صامدا صادقا، ليثمن دور موسكو… كيف يفهم ذلك؟ كل شيء ممكن ومقبول ومشروع، مقابل نهب النفايات والإنترنت والسوليدير وأخواتها… أما الباقي من وطن ورئاسة وثوابت ومبادئ، فبضاعة للبيع والشراء والاستهلاك لا غير… كبروا عقلكم… والقاعدة نفسها تسري على أمن الدولة.