Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”أو تي في” ليوم السبت في 16/7/2016

إنه الانقلاب الخامس في تركيا كمال أتاتورك، والأول في دولة اردوغان. لكنه الانقلاب الأول الفاشل في بلد لم يقرأ عسكريوه التبدلات والتحولات، من سقوط العلمانية إلى صعود الأسلمة، في دولة كانت في ما مضى امبراطورية حكمت العالمين العربي والاسلامي. وسيطرت على أجزاء واسعة من أوروبا، فانتهت مع نهاية الحرب العالمية الأولى، نهاية رجل مريض. وتفتتت وتوزعت بين سايكس بيكو وروسيا. واحتلها الانكليز واليونانيون والفرنسيون والروس. وتجرأ عليها الأكراد، وانتفض عليها الأرمن.

فجاء اتاتورك من سخاريا واسكي شهير وديار بكر وسيفان وازمير وبورصة وطرابزون، وأعمل السيف في رقاب مئات الالاف، وكسر ومزق معاهدة سيفر، وفرض نفسه، ولملم فتات الأرض وشتات الشعب وخلع السلطان، وألغى الخلافة وأعلن الجمهورية وفرض العلمانية. فكانت تركيا اليوم التي اقتبست دستورها عن الفرنسيين والسويسريين. واعتمدت الحرف اللاتيني بدل العربي. ولبست القبعة بدل الطربوش. وأقدمت على ما لم يخطر ببال مسلم في العالم ان يقدم عليه: تلاوة الآذان والقرآن بالتركية، وبقرار من اتاتورك، ومن خالف كان الاعدام بانتظاره.

جاء اردوغان العام 2002، وبدأ رحلة العودة المعاكسة إلى مشروع أنور وطلعت وجمال الذين سقطوا جميعا برصاص مغاوير ارمن اصطادوهم في عواصم أوروبا، التي لجأوا اليها بعد انتهاء الحرب وانكشاف حجم الابادة الارمنية.

العسكر، حارس العلمانية، لم يستطع كسر مشروع الاخوانية مثلما حصل في مصر مع محمد مرسي. هناك نزل الجيش إلى الشارع واطاح بمرسي، ووجد بيئة شعبية حاضنة. وفي تركيا نزل الجيش فوجد نفسه في مواجهة الشعب الذي التف حول اردوغان وخذل العسكر.

الإعلام الذي لطالما حاربه اردوغان، خاف سوء العاقبة وشبح العسكر، فوقف “مكره أخاك لا بطل”، مع اردوغان. أما المفاجأة الكبرى فكانت في موقف الأكراد الذين فضلوا السييء على الاسوأ، أي اردوغان على العسكر. ويعرفون ان معاناتهم الحقيقية كانت ولا تزال مع العقيدة العسكرية التركية، التي ترفض أية قومية غير التركية، وتحارب أي اتنية حتى ولو كانت مسلمة.

العطب الأساسي كان في مجموعة الانقلاب، التي اقتصرت رتب قادتها على ضباط من رتبة عقيد في جيش عماده الجنرالات المدججين بالنياشين والأوسمة. في وقت كان رئيس الأركان المقرب من اردوغان يرفض الاستسلام، وكانت المخابرات تقاتل والقوات الخاصة تدافع عن نفسها، والشرطة والدرك كلها في جيب اردوغان.

فشل الانقلاب وحصل انقلاب على الانقلاب، بفضل الناس الذين استثمر فيهم اردوغان اقتصادا وسياحة وصناعة وفرص عمل. وباختصار اشتغل اردوغان دينا ودنيا. ولعل العبارة الأكثر دلالة وتعبيرا التي توجه بها اردوغان إلى الجيش التركي فجر اليوم من مطار اتاتورك، وتحت صورته، هي التالية: “انتم جيش محمد”. كلامه يذكر بصدام حسين الذي وقبل سقوطه عدل في العلم العراقي ووضع في وسطه النداء الأقدس عند المسلمين.