“السجون في سوريا أفضل من سجون السويد وسويسرا من ناحية الترفيه وحقوق المساجين”.
إلى هذا الدرك، بلغ الانحطاط السياسي اليوم، إذ وجد في لبنان، من ينسب هذا الكلام إلى وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول، قبل أن يبدأ تسابق الشتامين والثرثارين والنمامين لمسح ما كتبوه من تعليقات، بعد صدور بيان رفول الذي نفى فيه أن يكون قد سئل أصلا عن موضوع من هذا النوع، كي يجيب عليه.
قد نفهم أن يقوم بهذا الأمر ناشط صغير على مواقع التواصل، معبرا في ذلك عما نجح غسل الدماغ الممنهج في تلقينه إياه. وقد نتفهم حتى أن يعلق على الأمر ناشط آخر، بدافع الحماس أو الحماقة. قد نفهم ونتفهم كل ذلك وأكثر. أما ما لن نفهمه أبدا، وما لن يتفهمه أي لبناني آخر، فهو أن كيف لنائب يفترض أنه يمثل الأمة جمعاء، وشريحة من المجتمع اختارت أن ينطق باسمها، أن يوجه اتهاما من هذا المستوى، ليس لعدو، ولا حتى لمنافس في دائرة انتخابية واحدة، بل لأخ مفترض في الوطن والمجتمع.
وما لن نفهمه أبدا، ولن يتفهمه أي لبناني آخر أيضا، هو أن كيف لهذا النائب الكريم، أن يمحو ما كتبه كأن شيئا لم يكن، بلا اعتذار، ثم يرد على سؤال ال”OTV” حول الموضوع بالقول: شو بدكن أعمل؟ بدكن انتحر بنتحر.
كلا. ليس تفصيلا أن يوجه اتهام من هذا النوع، إلى شخصية من هذا النوع. ففي السياسة، ومن دون الاستزادة في الشرح، من السذاجة بمكان أن يفصل اتهام اليوم عما سبق وروج زورا حول طلب سوري بتعيين بيار رفول وزيرا للدفاع. أما في التاريخ، فاتهام بيار رفول بتلميع صورة السجون السورية، ليس مجرد عيب، بل “قلة أخلاق”. نعم، “قلة أخلاق”، لا أكثر ولا أقل. فبيار رفول هذا، قبل أن يكون وزيرا، أو أن يسعى لوزارة كما تقولون، هو بيار رفول.
بيار رفول المقاتل لا القاتل، المناضل والمقاوم، ورفيق العماد ميشال عون منذ الأيام الأولى. قبل حرب التحرير وبعد حرب التحرير. قبل المنفى وبعد المنفى. بيار رفول هذا، لم يطلب يوما شيئا لنفسه: لا مالا ولا منصبا ولا امتيازا. فمن أنتم لتعيروه، ولتفبركوا له الأكاذيب، وخصوصا في الشأن السوري؟
وفي هذا الموضوع بالذات، هل من داع لنذكركم بتاريخكم مع سوريا بالذات؟ فكيف كان وضع السجون فيها آنذاك؟ هل كانت فنادق خمس نجوم؟ حقا حقا، من أنتم لتستهدفوا بيار رفول؟ صحيح أننا من أكاذيبكم نعرفكم. لكن اعلموا أنكم باستهدافكم لبيار رفول، لا تستهدفون مواطنا آدميا فقط، ولا شخصية عامة شريفة فحسب، بل تستهدفون كل ما بقي من صدق وإخلاص ونقاء وصفاء ووفاء في البلاد، وكل ما تبقى من روح نضال عالية واندفاع وطني لا حدود له.
وفي كل الأحوال، قبل أن تعتذروا من بيار رفول اليوم، اعتذروا كل يوم من كرامة وطن وشعب، جرحها رياؤكم أمس، ومزقها دجلكم اليوم، علنا ننجو من شركم المحتمل في كل يوم.