من مستودعاتهم المكدسة بصناديق الدواء فيما المرضى يبحثون عن حبة، تعرفونهم.
ومن خزاناتهم التي يفيض منها البنزين والمازوت، فيما الناس أسرى ساعات الانتظار الطويلة في الطوابير على أمل الحصول على نقطة، تدركون أنهم إما من أزلام المنظومة المباشرين، أو المستترين، الذين يحاضرون بعفة هم أبعد ما يكونون عنها.
فالمداهمات التي تولاها وزير الصحة في الساعات الاخيرة كشفت المستور، والمستور قبل أن يكون كميات الأدوية المخفية، هو ضمير مخفي، لا تنفع معه إجراءات وتدابير طالما هو غائب.
والمهمات التي تنفذها تباعا القوى العسكرية والأمنية، تؤكد يوما بعد يوم أن الجشع لا حدود له، وأن بعض اللبنانيين “مش مناح” بحق بعضهم الآخر، فيما يطلبون أن يكون الخارج “منيح معن”.
لكن إذا كانت المداهمات الصحية أفضت إلى نتيجة، تماما كالمهمات العسكرية والأمنية، فيبدو أن المداهمات والمهمات السياسية لم تنجح حتى اللحظة في تجاوز الامتار الاخيرة المتبقية التي اعلن الرئيس نجيب ميقاتي أنها تفصلنا عن تشكيل الحكومة.
فالبعض في كواليس المشهد لا يزال يراهن كما يبدو على تعب أو ملل، أو ربما على شعور بالضعف، قد يدفع إلى تنازلات معينة، لم تؤخذ يوما ولن تؤخذ ابدا، طالما لا تتطابق مع الثلاثية الشهيرة: الدستور والميثاق والمعايير الواحدة، فضلا عن المشروع الإنقاذي الواضح.
أما استغلال معاناة الناس بأشكالها المختلفة، فسيفشل مجددا في تحيقق غاياته السياسية المعروفة، طالما رافعو شعارات الحرص على المواطنين في معيشتهم، والمزايدون تحت هذا العنوان، هم أصل البلاء.
وفي المواقف من الشأن الحكومي، أمل تكتل لبنان القوي أن ينتهي الرئيس المكلف بالاتفاق مع رئيس الجمهورية من تأليف الحكومة العتيدة وإصدار مراسيمها هذا الأسبوع، على ما أظهرا من نية في التعاون والاسراع في التأليف ضمن مهلة معقولة ومنطقية نظرا الى ما تمر به البلاد.
وكرر التكتل أن اللبنانيين ينتظرون تشكيل حكومة قادرة ببرنامجها ووزرائها على وقف الانهيار وبدء عملية اصلاح شاملة وحقيقية، وهم يعتبرون أنه طالما الاتفاق قائم على العناوين العريضة للتشكيل من ضمن الميثاق والدستور بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، فيتوجب القفز فوق كل العراقيل والصعوبات المفتعلة بغية انهاء التأليف للبدء بالإصلاح. غير ان البداية من فضيحة الدواء.