IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”OTV” المسائية ليوم الأربعاء في 1/9/2021

ماذا يريد اللبنانيون اليوم؟

السؤال بسيط، لكن الإجابة عليه اكثر تعقيدا مما يظنه البعض.

فالجواب الاسهل، الذي قد يتبادر فورا الى الاذهان، هو ان كل ما يريده اللبنانيون اليوم هو الاكل والشرب والدواء والامن والمحروقات، على ما يردده كثيرون من السياسيين.

غير ان الجواب الصحيح، هو ان اللبنانيين يطلبون اكثر من ذلك بكثير، على اعتبار ان ما سبق هو من البديهيات، التي يفترض ان تكون مؤمنة من دون عناء او “تربيح جميلة” من هذا او ذاك. إذ ليس من حق احد على الإطلاق، مهما علا شأنه، ان يرسم لطموح اللبنانيين حدودا، بعدما قدموا على مر السنين الآلاف من الشهداء، كما دفعوا من ضرائب التضحية ما يكفي، وبأغلى الاثمان، ليس لتأتي اليوم زمرة من السياسيين الفاسدين، المعروفين بالإسم والموقع والارتكاب، كي تندد دجلا بالاوضاع المعيشية الصعبة، وتقود زورا، وباسم الناس المتعبين، حروبا وهمية على الفساد الذي جنته يداها على مدى ثلاثين عاما واكثر.

فطموح اللبنانيين اليوم، كما في كل يوم، لا يجب، ولا يمكن ان يقتصر على بديهيات الحياة. وسيبقى اللبنانيون اليوم، كما في كل يوم، يطلبون، لا دولة في الشكل، وميليشيات ومقاطعات تابعة للزعماء الفاسدين في المضمون، بل دولة بالفعل، في وطن حر سيد مستقل، نهائي لجميع أبنائه، تماما كما ينص السطر الاول من مقدمة الدستور.

وسيبقى شعب لبنان، اليوم كما في كل يوم، طامحا بدستور متطور وقوانين محترمة وقضاء فاعل.

سيبقى شعب لبنان طامحا بجيش قوي وقوى امنية قادرة وعوامل قوة محفوظة في مواجهة الاعتداءات والاطماع.

سيبقى شعب لبنان يطمح بقطاع صحي يتطلع اليه العالم، وقطاع تربوي يعود قبلة الانظار.

سيبقى شعب لبنان يطمح باقتصاد حر مزدهر ومنتج ويحاكي العصر.

وفي كل الاحوال، لن يبقى شعب لبنان اسير المنظومة، واكاذيب المنظومة، وقرف المنظومة الذي بات يفوق كل تصور.

اما محاولات العودة بالتمثيل الشعبي الى العصر الديمقراطي الحجري، الذي كان سائدا قبل عام 2005، من خلال صيغ تقدمية مدنية في الشكل، طائفية مذهبية متخلفة في المضمون، فأمر لن يكون مسموحا، ولا ممكنا. واذا كان التاريخ يعيد نفسه مرتين، على ما يقول كارل ماركس: اولى على شكل مأساة وثانية على شكل مهزلة، فالمأساة عشناها.

اما المهزلة، فأسدلت الستارة على مسرحيتها قبل ان تبدأ.