إذا كان رفع سعر المحروقات في فرنسا قد حرك السترات الصفر، وما زال منذ ثلاثة أسابيع، وكادت تهدد رأس الهرم في النظام، وإذا كان قانون الهجرة قد أشعل التظاهرات في بلجيكا اليوم، فإن في لبنان ألف سبب وسبب للتظاهر، ومنذ زمن بعيد، لكن الشارع بقي صامتا هادئا، الى أن تحرك اليوم بدعوة من نقابات عمالية والحزب “الشيوعي”، وبمشاركة من جمعيات مدنية، رفعت شعارات مطلبية وحياتية، وقد انطلقت من أمام المصرف المركزي وصولا الى ساحة رياض الصلح.
وفي ضوء توعد المتظاهرين باستمرار تحركهم، يطرح سؤال كبير: هل تكبر كرة ثلج المعترضين لتملأ الفراغ السياسي الناتج عن العجز في تأليف الحكومة، أو كبح التعثر الاقتصادي، أو لجم الفلتان الأمني الذي استهدف أخيرا المؤسسة العسكرية ذاتها؟ وماذا لو نزل الى الشارع من لم ينزلوا الى صناديق الاقتراع، في أيار الماضي، وهم أكثر من نصف اللبنانيين؟ أسئلة قد يجد بعضها أجوبة له الأسبوع الطالع.
فالأسبوع الطالع لا يمكن إلا أن يحمل جديدا على مستوى التأليف الحكومي، فإما ان تترجم صورة الايجابيات التي رشحت في الساعات الماضية عن صيغ متداولة للحلول، يتنازل فيها الافرقاء المعنيون توخيا لولادة الحكومة، أو ان تتعثر كسابقاتها تاركة البلاد مكشوفة في مواجهة الازمات المتفاقمة اقتصاديا وحياتيا وأمنيا، وبينها محاولات اسرائيلية تصعيدية.
وفي السياق تتجه الانظار في الساعات المقبلة الى القصر الجمهوري حيث ينعقد لقاء متوقع بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف للبت في آخر ما توصلت اليه مبادرة الرئيس عون الأخيرة.
وكان رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري قد عاد إلى بيروت، بعدما شارك في المنتدى الاستثماري اللبناني- البريطاني في لندن، وتوجه برفقة نجله حسام مباشرة إلى ضريح والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري في وسط العاصمة، حيث قرآ الفاتحة لروحه وروح رفاقه الشهداء.