إذا كانت الحكومة الجديدة ما بعد الإنتخابات النيابية في شهرها السابع المنتظر أن تضع فيه مولودها البكر- الموازنة، تعرضت لخضة أو هزة من الجبل لا تزال ارتداداتها تؤثر في صحتها سلبا، إلا أن المعالجات ومحاولات تعافيها مستمرة، على رغم ما يعتريها، وما يواجه القابلة، من توترات متقابلة ترفع من منسوب السلبيات على حساب الإيجابيات، في وقت بدا أن الإنعقاد البديهي افتراضا لمجلس الوزراء أضحى من الأهداف المرتجاة.
أوساط رئيس الحكومة سعد الحريري نقلت عنه، أنه لن يسمح بالتعطيل الحكومي، وسيسعى لحسم الأمر بعد عودته إلى لبنان ليل الإثنين- الثلاثاء من رحلته الخاصة، وسيعمل جاهدا لفصل مفاعيل ما حصل في الجبل الأحد الماضي، عن مسألة عقد جلسة مجلس الوزراء.
وفي الواقع تنشط الجهود والإتصالات في عدد من الإتجاهات، في محاولة للحؤول دون أن تلفح سخونة حادث قبرشمون ومندرجاته أكثر فأكثر، مسألة عقد الجلسة الموعودة الخميس المقبل.
وفيما العقدة المباشرة هي جدلية إحالة الجريمة إلى المجلس العدلي، فإن مطالبة المير طلال أرسلان الحكومة بذلك، ومن حيث العددية الوزارية، دونها موانع. فهي لن يتأمن لها النصف زائدا واحدا داخل مجلس الوزراء في حال انعقد وتم طرح الموضوع. ناهيك بأن المسار السياسي الأوسع لسياق قضية قبرشمون ككل، يضغط في اتجاهات عدة وعلى ملفات داخلية عدة ومع مفعول رجعي، كما أنه يلامس ما يسمى الجو الاستراتيجي “المحلي- إقليمي”.
لكن الاتصالات والأجواء في الساعات الماضية، أوحت ضمنا بأن بعض القوى، وفي مقدمتها “حزب الله”، ترغب في عدم إيصال لصق أجوبة الاستفسار بمسار خارج أو ما بعد حدود لبنان، أقله بحسب ما يتسرب من معلومات حتى الآن.
بالتوازي نقل عن أوساط قريبة من عين التينة، ما يشير إلى استبعاد الرئيس نبيه بري إحالة الحادث على المجلس العدلي.
في الغضون، وبعد ستة أيام على الزيارة الشهيرة لرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل لعاليه، وبعد الذي حصل في موازاتها في قبر شمون، أتت زيارة الوزير باسيل للشمال أمس مقتصرة على يوم واحد، بلقاء كوادر “التيار الوطني الحر” في معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس، ولقاء آخر في عكار. باسيل يستعد لزيارة الجنوب، ولقد أكدت أوساطه “أن جولات باسيل لا ترمي إلى استفزاز أي أحد”.
في المقابل، بدأ وليد بك تحركا في اتجاه سفراء الدول الكبرى، لشرح تفاصيل ما حصل في الجبل. أما البطريرك الراعي فقد أكد أن مصالحة الجبل التي أرسيت مع البطريرك صفير هي كنز وفوق كل اعتبار، رافضا الخطابات التي تحرض والتي تفرق.
كل ذلك يحصل في لبنان، فيما المنطقة تتماوج على صفيح القضايا الساخنة، من التطورات الايرانية- الأميركية، إلى مجريات الأزمة السورية، امتدادا إلى السودان فليبيا ومجمل المغرب العربي ضمنه الجزائر، وصولا إلى بيت القصيد ألا وهو “صفقة القرن” التي وصفها البطريرك الراعي بصفعة القرن، ونعتها البعض بمحاولة تصفية القضية الفلسطينية.
وحدها سلطنة عمان تخرق الجو الاقليمي، وتضطلع بدور ضمن ما يسمى “مساعي استعادة الأمن في المنطقة”. وقد التقى وزير خارجيتها لهذا الشأن، الرئيس السوري في دمشق.