صرختان في لبنان اليوم، ودوي إنساني حضاري في العراق.
من بيروت من السراي الحكومي، صرخة أطلقها هذه المرة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، أولا وتحديدا في اتجاه المعنيين بتأليف الحكومة، ملوحا بالاعتكاف، إذا كان ذلك يدفعهم الى التأليف.
دياب: “لبنان بلغ حد الانفجار ثم الانهيار، شو ناطرين ما بتألفوا حكومة؟ لبنان بخطر واللبنانيون لم تعد لديهم القدرة لا على الاحتمال ولا الانتظار، أقلعوا عن الأوهام، وضعوا طموحاتكم السلطوية جانبا، وزير بالناقص أو وزير بالزايد، مش هم. ألفوا حكومة، لحل الأزمة الاجتماعية، يجب حل الأزمة المالية، ولحل الأزمة المالية يجب استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ولا مفاوضات مع الصندوق من دون إصلاحات، ولا إصلاحات من دون حكومة جديدة، وخارج هذا السياق، يكمن العبث.
الصرخة الثانية في الشارع، وهي صرخة الوجع المعيشي والأنين الحياتي، المنطلقة من حناجر المتظاهرين المحتجين على العيشة المزرية والأوضاع الاقتصادية المتردية، لا بل المتدهورة، يقطعون الطرق، بعدما انقطعت معظم حبال الأمل بوقف التدهور وصد غول الجوع.
وأما الدوي الإنساني- الحضاري، فقد سمع من بلاد الرافدين من العراق، من كل محطة في زيارة البابا فرنسيس، المتحفز بروح السلام والمحبة والرجاء والإيمان بشجاعة العيش السلمي معا، وبالضمير والتسامح والنفوس الخيرة، هذه المفاهيم والقيم المناقضة للأنانية بكل أبعادها، وللأوليغارشية المتوحشة بمعانيها ومفاعيلها السياسية والتحاصصية، كما التعموية، ومنها ما يلاحظ في لبنان.
في اليوم الثاني من الزيارة البابوية للعراق، وبعد لقاء البابا فرنسيس- السيد السيستاني، ثم لقاء الأديان في أور، أعلنت الحكومة العراقية السادس من آذار يوما وطنيا للتسامح والتعايش في العراق، في حين في لبنان، في بداية الفصل الثاني على تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة: لا تأليف ولا من يحزنون، لا على الناس ولا على بلوغ الدولار الأميركي العشرة آلاف والخمسمئة ليرة لبنانية.
فعلى رغم مرور أربعة أشهر وعشرة أيام على التكليف، تتكدس دشم النكايات، وترتفع متاريس النكد والحقد، وتكبر كرة البغض، فيزداد انسداد المسار أمام التأليف الحكومي، وسط تبادل الاتهامات ولامبالاة المعنيين بالعيشة غير الكريمة، وبالقهر الذي يعانيه غالبية الشعب اللبناني.
لهيب الشارع، لم يفتح بعد كوة في جدار الأزمة الحكومية، وصرخة الأنين والجوع لم تلق آذانا صاغية، ليتخطى المسؤولون العراقيل التي تحول دون تأليف “حكومة مهمة” تنقذ ما تبقى من وطن ومواطن ودولة، من الهلاك.
في الغضون الرئيس المكلف سعد الحريري خارج لبنان، حيث زار الإمارات قبل أن يزور موسكو في خلال الأيام العشرة المقبلة، فيما “التيار الوطني الحر” يتهمه بالاستهتار بمصير الناس.
رئيس الجمهورية العماد عون من جهته، يتابع الاتصالات، ومستشاره أمل بو زيد التقى نائب وزير الخارجية الروسية في موسكو التي شددت على الإسراع بتأليف الحكومة اللبنانية الجديدة.
وهو موقف، جددت فرنسا أيضا التأكيد عليه، فيما يستمر اللواء عباس ابرهيم في حركته التوسطية الداخلية، على مسار الموضوع الحكومي.