كما الاحوال الجوية الملبدة وليس فيها ما يضيئ سوى نصاعة الثلج المتراكم هكذا هي أحوال السياسة والاقتصاد حيث الصورة قاتمة ولا ينيرها سوى الرجاء واستلهام مغزى العيد المجيد الآتي كي ينبري وينصع الضمير لدى المسؤولين المعنيين من أجل خرق الأزمة واتخاذ قرارات على مستوى الحلحلة الجدية للملفات المتراكمة وتلك المتشابكة وإزالة المعاناة المعيشية الخانقة الجاثمة على صدور غالبية اللبنانيين.
لكن المفارقة ان ما خرق الركود والوضع المسدود ليس قرارا”بل “لاقرار” اعتمده المجلس الدستوري في اليوم الاخير من المهلة الواجبة حيال الطعن المقدم من تكتل لبنان القوي بالقانون المعدل لقانون الانتخابات النيابية..وبالتالي فإن القانون الصادر عن مجلس النواب الشهر الماضي يسري مفعوله بديهيا”,بغض النظر عن تاريخ إجراء الانتخابات ضمن المهل بين آذار وأيار لأن التاريخ تحدده وزارة الداخلية…ووفق هذا الواقع اللبنانيون غير المقيمين في لبنان سينتخبون كل بحسب دائرته الانتخابية المحلية وليس ضمن مفهوم المحافطة الرقم 16 …ولقد نقل عن اوساط قريبة من قصر بعبدا ان خطوة المجلس الدستوري سقطة للدستوري.
رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل ضمن ما علق به رافضا” “لاقرار الدستوري” اتهم الثنائي الشيعي ووصف خطوة المجلس الدستوري “بحلف رباعي آخر في وجهنا وضد صلاحيات رئيس الجمهوريةولن نسكت ولا نستكين عن سلب المغتربين حق انتخاب ستة نواب إضافيين كانوا سيمثلونهم ويمثلون مطالبهم”…وبالمناسبة, حمل باسيل على الفوضى الحاصلة في الجسم القضائي وانتقد تعطيل انعقاد مجلس الوزراء ودعا الثنائي الشيعي للعودة عن خطأ التعطيل”…وأشار الى أن الفريق الذي يمثله هو يسعى للوصول الى حل للأزمة وليس للمقايضة.
في أي حال خطوة لاقرار الدستور رسمت مدارا” آخر للإتصالات: فإما أن ينحو سلبا” فتتجه الأمور نحو مزيد من التأزيم والتصعيد والتعطيل ولن تعود في المدى المنظور لا جلسة لمجلس الوزراء ولا حتى دعوة لدورة استثنائية للبرلمان علما” أن رئيسي الجمهورية والحكومة هما المعنيان المباشران في بلورة الدعوة وتوجيهها…وإما أن تنحو إيجابا” وعندها يمكن للاتصالات والمشاورات أن تؤدي الى حلحلة قضية تحقيقات انفجار المرفأ والقاضي العدلي طارق البيطار وبعدها يعود مجلس الوزراء الى الانعقاد وإن كان “ما رح يشيل الزير من البير”…ثم تنساب المفاوضات مع صندوق النقد الدولي كما تتسرع العجلة الحكومية وغيرها وتسلك المعالجات في كل اتجاه.
موقف المجلس الدستوري اذا صح التعبيرخطف حيزا كبيرا من الاهتمام بالزيارة المهمة للأمين العام للأمم المتحدةفي توقيتها ومضمونهاوالتي استمرت منذ مساء الأحد وتنتهي قبل ظهر غد على وقع نصيحة معجلة مكررة من غوتيريش تتلخص بأن الحل للأزمة يأتي من قلب لبنان..الأمين العام شدد على اجراء الانتخابات الربيع المقبل.
تبقى الاشارة الى ان تطورات اليوم تخطت ايضا” الحديث السابق عن مقايضة -تسويةأسفرت عن أجواء مشدودة أمس في اللقاء الذي جمع رئيس البرلمان برئيس الحكومة في عين التينة وإنتهى بأجواء سلبية نفاها الرئيس بري في حديث صحافي موضحا”أن هناك من يلعب لعبة خبيثة كريهة..وكذلك أوساط الرئيس ميقاتي وصفت كل ما سرب بأخبار مدسوسة وشائعات مغرضة…وعليه فإن صاعق التفجير الحكومي فكك سريعا…باسيل وصف هذه المسألة برمتها بالمسرحية بحسب رأيه.