مع وصول الدفعة الأولى من لقاح فايزر، بدأت رحلة الألف ميل نحو تحقيقِ المناعة المجتمعية ضد الـcovid 19، أي أن ينال أكثر من ثمانين في المئة من المقيمين على الأراضي اللبنانية اللقاح، ويتحصنون ضد الفيروس.
لبنان كغيره من دول العالم، يعاني من انعدام الثقة تجاه اللقاح، وكل تأخير في تقبله يساوي تمدد كورونا، والتعثر في عودة دورة الحياة الإقتصادية. وعليه، على اللبنانيين أن يقتنعوا أولا أن اللقاح للجميع، وأن لا خلاص لشخص من دون آخر.
عليهم أن يقتنعوا بوقف العنصرية والطبقية وال6 و 6 مكرر، ووقف الضغوط السياسية والشخصية لتأمين اللقاح لهذا الشخص قبل ذاك، او لهذا المستشفى التابع لهذا الزعيم قبل ذاك.
هذه المرة، هامش التذاكي ضيق، فعملية التلقيح سيراقبها البنك الدولي والاتحاد الدولي للصليب الاحمر والهلال الاحمر، الذين سيتأكدون من عدالة التوزيع، التقيد بالمعايير الطبية وصولا الى ضبط أي محاولة تسيب تؤدي الى وصول اللقاح الى السوق السوداء.
قد يطمئن البعض للمراقبة الدولية، وهو لا يلام، لأن لبنان لم يعد تلك الدولة الحرة المستقلة. فنحن نجني اليوم ما حصدناه على مدى عقود، من فساد وسرقة وطائفية وتبعية لزعماء أوصلوا البلد الى الإفلاس. نعم، لبنان اليوم في القعر، وهو سائر بخطى واثقة دون ذلك.
فاللبنانيون خسروا أموالهم نتيجة عقود من السياسات المالية الخاطئة، وهم على قاب قوسين من فقدان ما تبقى منها في احتياطي المصرف المركزي، وهذه المرة بفعل فاعل اسمه: جبن السياسيين والمسؤولين الماليين. فبين أيدي هؤلاء كرة نار الدعم: يعرفون كلهم أنها سياسة قاتلة، يستفيد منها المحتكرون والتجار والمهربون وكارتيلات الادوية والمشتقات النفطية، ومن خلفهم. وهم كلهم أجبن من اتخاذ قرار وقف الدعم، او حتى ترشيده.
يرمون كرة النار من حكومة تصريف الأعمال الى مجلس النواب، ومنهما الى الحكومة العتيدة، التي وللمناسبة موجودة في عالم الغيب، الى المصرف المركزي، فالمهم ألا يحترقوا هم …
إنه خليط الفساد والجبن والاهتراء، الذي جعل بناء الوطن يتخلخل من الأساسات. أما ترميمه فشبه مستحيل، وفيه محاولات دائمة لإخفاء القاتل والفاسد والمرتشي، وتجريم
القتيل واستغباء الحق.
ترميمه شبه مستحيل، وفيه أحكام قضائية تخضع للتسويات السياسية، فتجعل المضاربين بالعملة الوطنية أهم من العملة نفسها وأهم من لقمة عيش المواطنين، كما قال اليوم النائب حسن فضل الله.