في الشأن الحكومي، التدرج الإنحداري متواصل: من الحلم الوردي المستحيل بالتعايش بين الرئيس سعد الحريري والرئيس ميشال عون في ظل حكومة واحدة، إلى ربط النزاع والإستمرار في الممانعة والسجال والإستنزاف القاتل بينهما، وصولا إلى تأكيد الإنفصال أمس، ولكن من دون إعلان الطلاق، أي عدم تراجع رئيس الجمهورية وفريقه السياسي المتمثل ب- “التيار الحر” و “حزب الله” أمام مطالب الرئيس الحريري، وفي المقابل عدم اعتذار الحريري عن التكليف.
هذا الواقع المرضي كان يصح لو أن إشعاعاته المضرة تقتصر على عائلة أو حي أو قرية، لكن ما يحصل بات يهدد بانهيار الدولة بشعبها واقتصادها ومؤسساتها، خصوصا ألا شيء يشي بوقف هذا الإهتراء، بعد نحر المبادرة الفرنسية وكسر الدعوات العربية والدولية والفاتيكانية المسؤولين، إلى التعقل وتشكيل حكومة المهمة وخوف الله في شعبه.
وفيما انتقدت الهيئة السياسية في “التيار الحر” أداء الرئيس الحريري واتهمته “بالتفرد في تشكيل الحكومة وتسمية وزرائها، وبتناسي أننا في جمهورية برلمانية”، يترقب الجميع كلمة الرئيس المكلف في ذكرى اغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حيث يتوقع المتابعون أن يرفع بمواقفه العالية متراسا تقوم دعائمه على الآتي:
أولا، على تناغم نظرته إلى الحكومة مع الشروط الدولية والعربية والفرنسية والشعبية. ثانيا، على استقوائه بما يعطيه إياه دستور الطائف من صلاحيات. ثالثا، على موقعه السني الأول في طائفته. ومن موقع السنة المحوري في تركيبة الطائف، وقد أعطاه المفتي دريان جرعة دعم قوية من أمام ضريح والده الشهيد.
في الأثناء لبنان الذي ينهشه الكورونا، تسلم اليوم الدفعة الأولى من لقاح فايزر، وسْط قلقين: الأول، الخوف من الفوضى في شمولية التوزيع وعدم إيصال اللقاحات إلى محتاجيها الحقيقيين. والثاني، عدم إقبال اللبنانيين على أخذ اللقاح، ما يهدد بتمزيق الشبكة الوطنية للتحصين من الفيروس، والتي بدأت ترتفع بعد طول انتظار وكثرة موت.
والمؤسف أن الكل يعلم أن التلقيح الشامل لكل القطيع، هو خشبة الخلاص الوحيدة من الموت المتحور الزاحف، أو يموت القطيع. في النهاية، معليش، لمرة واحدة ليتواضع اللبنانيون وليعترفوا بأنهم ليسوا أقوى ولا أذكى من باقي الشعوب. فتلقحوا قبل ما يلقحكن الفيروس.